TARAB PRODUCTION

SAIDEL MEFTAHI EL GHRIB .

SAIDEL MEFTAHI  EL GHRIB .
SAIDEL MEFTAHI EL GHRIB . :

سعيد  المفتاحي في  خطوة غير مسبوقة .

 

حين أدعوكم لإمعان الانصات إلى جديد المبدع سعيد المفتاحي و نحن نعيش بداية    سنة جديدة , فإنني أدعوكم إلى حضرة فنون إلتقت جميعها و انصهرت في مزج سحري , و كانت عند النهاية مساحة الإمتاع و المؤانسة .

و حين أقول إن هذا الألبوم , هو حدث فني بامتياز يدشن به المفتاحي عهدا فنيا واعدا , فإني أرغب في اكتشافكم الذاتي لهذا اللقاء الفريد لفنون الأمس مع فنون اليوم .

في الأمس كان الملحون بنمطه التقليدي , و اليوم نحن نحيا أزمنة الأنماط الموسيقية المتجددة , وفي هذا الألبوم التقت كل هذه الأزمنة .

كيف ذلك ؟ .

يقترح علينا الفنان الباحث سعيد المفتاحي في ألبومه ست أغنيات فيها من مقومات الملحون روحه و كنهه , وفيها من آليات الموسيقى الحديثة شكلها .

إنه حقا رهان كبير أن يغامر هذا الفنان القادم من عمق الأصالة , ليقدم لنا هذا التركيب الجديد لفنون ظلت حتى أيام قليلة متنافرة و أحيانا متناقضة .

لكن إيمان هذا الفنان بأن الأصالة الحقيقية هي التي تتوفر على كل مقومات تجددها , جعله يكسب في هذه التجربة الرهان .

في أغانيه الست هاته , يتناول المفتاحي بألحان وتوزيعات موسيقية غير مألوفة في الملحون التقليدي , قضايا جديرة بالاهتمام تكتسب قوتها و شرعيتها من واقع الحياة اليومية سواء في ديار المهجر , أو في الأوطان الأصلية , كقضايا الغربة و الاغتراب , و الهجرة السرية , دون أن يفرط في ما يحرك الوجدان حيث حضرت الأغنية العاطفية , و كذا أغنية التأمل في الوجود في حياة الدنيا التي هي مجرد ممر نحو حياة أخرى .

و يصر الفنان سعيد المفتاحي , على أن يؤكد لمن في أذهانهم شك , بأن قصيدة الملحون التقليدية تختزن في ذاتها ما يؤهلها لتلبس لباسا جديد وذلك بإضافة لمسات تراهن على الوظيفة الموسيقية , و ذلك ما فعل تماما في تعامله ما قصيدة الأم لناظمها في السبعينات الشاعر عبد المجيد وهبي .

أربع أغنيات من شعر المفتاحي و الخامسة لشاعر آخر, و السادسة سرابة , و ما يجمع بينها كلها هو أسلوب المفتاحي في التعامل مع الكلمة و مع الايقاع و مع النغم .

في أغنية (( التوبة )) يعتمد سعيد على ما يعرف بنظم الرباعيات في الأدب الشعبي , و يقول متوجها إلى الله تعالى :

راني نبكي على ذنوبي , رحمتك نرجاها

تسمح لعبدك الضعيف , و اغفرلو فخطاه

يا الرؤوف من لا ينام , خالق للأرض سماها

يا مالك الملك و الرحيم , العزيز أنت الله .

إنه في هذه الأغنية يؤكد تشبعه بأخلاقيات المسلم , و بأعراف شيوخ الشعر الشعبيين الذين مهما نظموا في الأغراض المختلفة , فإن نشوتهم لا تتم إلآ  بنظمهم في مواضع التأمل في الحياة و الإستغفار .

أما في أغنية (( رسالة )) التي اختار لها حرف القاف كروي ( قافية ) , فإنه فضح لعبة التخليل التي تمارس على المستضعفين من خلال أبواق الدعاية الكاذبة التي تجعل الأسود  بيض و الشر خير .

في جرأة مسؤولة , و بلغة يمتزج فيها اللفظ التراثي  باللفظ اليومي الحالي يقول المفتاحي :

آه بدينا نحلمو فالليل و الفياقي

لقيناها شعارات كلها غير زواق

تتخذر عقول الشبان بالأبواقي

لا تثيق أخويا بكلام دوك الأبواق .

وحين ينتقل المبدع سعيد المفتاحي إلى وصف لواعج الغربة التي يعيشها بعيدا عن مكناس و عن الأهل و الأحبة في المغرب , فإنه لا يتردد في أن يصرخ قائلا ما لامعناه (( قطران بلادي أحسن من عسل بلاد الغير )) , و لنتأمل في هذه الأبيات المقتطفة من أغنية (( الغريب )) , لعلنا نحس من خلالها بالقليل مما يحسه كل لحظة المغتربون من طينة سعيد المفتاحي :

ربنا يجمع شمل المغربين تشتات

يرد الغريب و يغفرلو في ما خطاها

الغريب فبلاد الناس يصير ثقلات

بعد كان بالهمة و الشان و جاه ضاها .

أما في تعامله مع وجدانه كإنسان رهيف الإحساس ينقطر قلبه من كل غدر و خيانة , فإن المفتاحي يحتفظ بهدوءه , ولا يشهر سيفه في وجه من طعنه بنبال المكر , وذلك ما يتأكد لنا حين نقراء بإمعان أغنية (( الغالية )) ذات النفس العاطفي في هذا (( الألبوم )) يقول سعيد المفتاحي :

فين ايام المحبة و المخاوية

يوم كنا نتلقاو بالقليب طاهر

ياك العاهد جمعنا يا لغالية

على الصدق و الوفا الزاهر

ياك عشنا ايام زينة صافية

كل واحد غرامو عليه ظاهر

ياك فحبنا الناس ظلات فاهية

حتى صار عشقنا لأهل الغرام باهر .

أما في قصيدة (( أغنية  الأم )) التي عاد إليها المفتاحي بعد أن كان قد أنجزها في شكل فيديو كليب سنة 2002 , فإنه حملنا بلغة الملحون القديم , إلى عالم العلاقة الطاهرة بين الإبن و أمه بموسيقى عصرية يئن فيه الناي كأنه رضيع في أحضان أمه الحنون .

و على نفس النهج يسير المفتاحي في تعامله مع سرابة فصل الربيع التي تعود إلى القرن 18 , حيث يحتفظ بكلماتها و ببنائها الإقاعي , لكنه يعطيها بعدا جماليا آخر من خلال التركيز على تنويع  الجمل الموسيقية , و جعلها بديلا لدور الكورال التقليدي في المشاركة في إنشاد هذا النوع من السرابات .

فصاحة لسان السعيد , و إتقانه للأداء على طريقة أستاذه الحسين التولالي , و سيره على طريق التجديد , كلها عناصر إجابية تعطي لهذا الإبداع قيمة فنية و جمالية و معرفية , و تجعله حقا قادرا على صيانة تراث الملحون و إنتشاره في الديار الأروبية بشكل يشرفه أولا , و المغاربة و العرب ثانيا .

هذا الألبوم خطوة غير مسبوقة في مجال فن شعبي تقليدي فضل الكل التعامل معه دون جهد , و هاهو المفتاحي يفتح باب هذا الجهد و المجهود , فلندعمه لإنه تعبير عن رؤيتنا لما نريد أن يكون عليه ملحوننا .

عبد المجيد فنيش

 باريس 17 نونبر 2006 .

 


SAIDEL MEFTAHI  EL GHRIB T.P.-02.07




Commentaires

  • Aucun commentaire